الأستاذ عبد الواحد المرابط
-------------------------
المسرح الروماني
إعداد عبد الواحد المرابط
ورث الرومان تقاليدَ المسرحية الإغريقي،
لاعتبارات تاريخية وحضارية، لكنهم أضافوا إليها ما يناسب ثقافتهم وديانتهم ودولتهم
العسكرية ذات الطابع الإمبراطوري. وقد بلغ المسرح الروماني أوجَه بين القرن الثاني
قبل الميلاد والقرن الأول الميلادي، مع "لوكْيوس سينيكا" (Sénèque) (تـ 65+) في مجال التراجيديا، ومع
"بّْلاوتوس" (Plaute) (تـ 184-) و"تيرنتيوس"
(Térence) (تـ 159+) في مجال الكوميديا .
احتفظ التاريخ بتسع من مسرحيات سينيكا،
هي "ميديا" و"الطرواديون" و"أوديب" و"هرقل
غاضبا" و"فايدرا" و"تييست" و"أكاممنون" وهرقل
في أوطا" و"الفينيقيون". وقد كُتبت معظم هذه المسرحيات على غرار
التراجيديات الإغريقية، إذ تضمنت الجوقة وثلاث شخصيات رئيسية، واستوحت الأساطير
والملاحم، غير أن سينيكا أعطى للحوارات طابعا خطابيا وشحنها بالتأملات الفلسفية، انسجاما
مع ثقافته البلاغية والفلسفية.
أما بلاوتوس فقد كتب إحدى وعشرين
مسرحية، منها "أُومفيتْرِيون" و"أوليلارْيا" و"الإخوة مينايْشمي"
و"العائد" و"الجندي المتبجح" و"القرطاجيون". وقد
استفاد في هذه المسرحيات من تقنيات الكوميديا الإغريقية، وكَيَّفها وفق الطقوس
والتقاليد الرومانية، كما أنه اعتمد الشخصيات النمطية من قبيل البخيل والمخدوع
والمتكبر، فصوَّرها تصويرا ساخرا بهدف تقويم سلوك الناس.
وأما تيرنتيوس فقد ترك خمس مسرحيات، هي
"أندريا" و"القائد" و"الأخ" و"المخصي"
و"ضحية نفسه". وقد كان في هذه المسرحيات يميل إلى التَّورية وإلى
السخرية اللّاذعة والتصوير الكاريكاتوري للشخصيات والواقع، وتصوير الحياة الشخصية
والاجتماعية من أجل الموعظة الأخلاقية.
وقد عرفت البناية المسرحية تطورا
ملحوظا عند الرومان؛ فبعد أن كانت عند الإغريق فضاء مفتوحا يتكون من منصة للتمثيل
ودائرة للجوقة تحيط بهما مدرجات مستندة نسندها تَلَّةٌ أو مرتفعٌ من الأرض، صارت
فضاء مغلقا تحيط به من الخارج أسوار عالية، وأصبحت المدرجات موزعة عموديا على
طبقات ثلاث ترفعها أعمدة حجرية ضخمة وعالية. وقد تعددت هذه المسارح في المدن
الرومانية خلال القرنين الأول والثاني الميلاديين، وشُيِّدت على غرارها مسارح أخرى
في سائر البلاد التي استعمرها اليونان في أوربا وحوض البحر الأبيض المتوسط.
ومن جهة أخرى، تم
توجيه مضامين العروض المسرحية ورسائلها نحو أهداف سياسية تخدم المنحى العسكري
والتوسعي للدولة الرومانية، لذلك حفلت التراجيديات الرومانية بقيم الإرادة والقوة،
وحفلت الكوميديات باللعب البطولي وأفراح النصر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق